مع اقتراب بداية كل عام، يندفع الكثيرون لشراء اشتراكات النوادي الرياضية، وفجأة يبدؤون في الحديث عن أنظمة غذائية صارمة وخطط لياقة صعبة التنفيذ. وغالباً ما نضع قائمة طويلة من الأهداف ليلة رأس السنة، ثم نجد هذه القائمة منسيّة عند نهاية شهر يناير.
بدلاً من الدخول في سباق محسوم منذ اليوم الأول، يمكننا أن نؤسس لعادات صحية بسيطة تدوم، بعيداً عن الشعور بالذنب، ودون أن نعاتب أنفسنا عند أي تراجع. إليك بعض الأفكار التي تمزج بين الواقعية، المرونة، والقليل من روح الدعابة.
1. ابدأ على مهل ولا تستعجل
لا حاجة لأن تخبر الجميع "سأُجري ماراثون بعد شهر!" أو "سأمتنع عن تناول السكّر تماماً!". غالباً ما يُحوّل هذا الحماس الزائد البداية إلى عبء ثقيل.
خطوات صغيرة ونتائج كبيرة: بدلاً من أن ترهق نفسك بأهداف صعبة التحقيق، ابدأ بجولات جري خفيفة أو زيادة وجبة صحية واحدة يومياً فإن التدرّج يصنع فارقاً.
احتفِل بالمحاولات مهما كانت صغيرة: استبدلت وجبة دسمة بسلطة طازجة اليوم؟ هذه خطوة تستحق التشجيع، فهي دليل على تغيّر حقيقي.
- التحسن لا الكمال: تذكر أن المهم هو أن تتقدّم تدريجياً، لا أن تكون مثالياً كل يوم.
2. اختر ما يلائمك أنت شخصياً
لا معنى لتقليد ما يفعله الآخرون إن لم يكن يناسبك. إن كانت صديقتك تمارس رياضة الملاكمة، فليس بالضرورة ان تتماشى هذه الرياضة معك.
اختر نشاطاً تحبه: إن كنت تحب الرقص، انضم لحصة زومبا. إن كنت تفضّل الهواء الطلق، المشي أو ركوب الدراجة ربما أفضل. المهم أن تستمتع بما تفعل.
اجعل القيم جزءاً من قراراتك: هل تهتم بالبيئة؟ استبدل سيارتك بالدراجة أحياناً، أو قلل من استخدام البلاستيك. هكذا ستشعر بأنّ هدفك أكبر من مجرد روتين صحي.
- تخصيص الأهداف: ابحث عمّا يناسب جدولك، طبيعة عملك، واهتماماتك، بدلاً من اتّباع وصفة جاهزة.
3. ابحث عمّن يدعمك
أحياناً نحتاج إلى من يشجّعنا ويذكّرنا بسبب البداية.
رفيق الدرب: شارك أهدافك مع صديق أو قريب لديه الحماس نفسه. تتناقشان، تتبادلان النصائح، وتساندان بعضكما البعض في لحظات الفتور.
التقنية في خدمتك: استخدم تطبيقات المتابعة والتذكير لتسجيل إنجازاتك. هذه الأدوات كمدرب صغير في جيبك.
شارك الآخرين تقدمك: لو كنت جريئاً، أنشر تحديثاتك على وسائل التواصل قد تجد دعماً معنوياً أكثر مما تتوقع.
4. ركّز على التجربة بحد ذاتها
نحن غالباً ما نفشل حينما نُعلّق سعادتنا على النتيجة النهائية فقط.
استمتع بالخطوات الصغيرة: تجربة وصفة صحية جديدة، الاسترخاء خلال جلسة يوجا، أو حتى الاستمتاع بنزهة مشمسة كلها لحظات جميلة قبل الوصول للهدف.
التعلّم من كل مرحلة: كل تقدّم وإن كان بسيطاً، يكشف لك شيئاً عن قدرتك وعن أولوياتك.
- مرونة في التعديل: إن وجدت أن هدفاً ما لا يناسب نمط حياتك، غيّره دون تردد.
5. كن واقعياً مع نفسك
لا تضع أهدافاً كبيرة جداً تجعل منك أسيراً للإحباط.
تحدٍ معقول: حدّد أهدافاً تدفعك للأمام دون أن تكون بمثابة قفزة في الهواء.
استعد للمفاجآت: الحياة ليست جدولاً منضبطاً، لذا كن مهيّأً لتعديل خططك عند الظروف الطارئة.
- لا جلد للذات: إذا تراجعت في يوم فهذا لا يعني فشلاً كاملاً. المسار طويل، ويوم واحد لن يحدّد مصيرك.
6. اجعل أهدافك صديقة للبيئة أيضاً
لماذا لا تضيف قيمة أخرى لقراراتك؟ اختر مساراً يعزز صحتك وصحة الكوكب.
تقليل النفايات: استخدام أكياس قابلة لإعادة الاستعمال أو محاولة التسميد المنزلي ليس مجرّد تقليصٍ للمهملات، بل خطوة نحو وعي أكبر.
وجبات نباتية أكثر: زيادة الاعتماد على الأطعمة النباتية يفيد صحتك ويقلل من بصمتك البيئية.
ادعم العلامات المستدامة: مثلاً، شركة "بيكو" تقدّم أجهزة منزلية موفّرة للطاقة، كالثلاجات ذات تقنية التبريد المبتكرة، مما يقلّل الاستهلاك ويحافظ على الطعام طازجاً. باختيارك مثل هذه العلامات، تدعم توجهاً أكثر وعياً نحو البيئة.
إنّ تضمين الاستدامة في قراراتك يمنحك شعوراً بمعنى أكبر، ويضيف بعداً عميقاً لتجربتك.
7. راقب تقدمك لتبقى متحفزاً
لكي تعرف إن كنت تسير في الاتجاه الصحيح، تحتاج إلى مؤشرات واضحة.
دوّن ملاحظاتك: سواء في مذكرة أو عبر تطبيق، سجّل نجاحاتك و تعثراتك. ستفهم ذاتك أكثر، وترى مدى التطور الذي تحققه.
استخدام التطبيقات: هناك برامج تساعدك على تتبّع الرياضة، التغذية، وحتى عادات النوم. اختر ما يناسبك.
أهداف صغيرة ضمن الهدف الأكبر: قسّم إنجازك النهائي إلى محطات أقرب. الاحتفال بوصولك لكل محطة يشعل حماسك مجدداً.
8. كافئ ذاتك: تستحق ذلك
التحفيز ليس مجرد دفع الى الأمام، بل أيضاً تقديم مكافآت صغيرة عند الإنجاز.
مكافآت تمنحك السعادة: كتاب جديد، رحلة قصيرة، أو حتى يوم للعناية الشخصية. أي شيء يجعلك تشعر بأنك أنجزت فعلاً.
لا تربط التحفيز دائماً بالأكل: رغم أنه لا بأس بأكلة مفضلة بين الحين والآخر، حاول أن تكون المكافآت أكبر من مجرد وجبة.
- احتفل بجهودك أولاً: لا تنتظر النهاية الكاملة. تقدّمك مهما كان بسيطاً يستحق التقدير.
9. ابقَ بالقرب من منابع الإلهام
المحافظة على الحماس طوال السنة ليس بالأمر السهل، لكن هناك مصادر إلهام من حولك في كل مكان.
اقرأ واستمع وشاهد: اختَر مدوّنات، بودكاست، أو قنوات يوتيوب تحفّزك وتقدّم أفكاراً جديدة.
كن جزءاً من مجتمع: مجموعات تهتم بالرياضة والصحة على أرض الواقع أو عبر الإنترنت ستمدّك بتجارب وخبرات مفيدة.
- مذكّرات بصرية: صورة أو لوحة أهداف داخل غرفتك. تفاصيل صغيرة تساعد على تذكيرك بالغاية التي بدأت من أجلها.
10. راجع خططك باستمرار ولا تخشَى التعديل
لا يوجد طريق مستقيم نحو النجاح. التأمل وإعادة النظر في مسارك أمر طبيعي.
مراجعات منتظمة: خصص وقتاً شهرياً لتقييم ما حققته وما يحتاج إلى تعديل.
الصدق مع الذات: إن لم تنجح إستراتيجية ما، غيّرها. لا عيب في التراجع عن خطة لا تناسبك.
تذكّر الدافع الأساسي: حين تصعب الأمور، عُد إلى السبب الذي جعلك تبدأ هذه الرحلة. استحضار الدافع يمدّك بقوة إضافية.
لنجعل هذا العام مختلفاً
تعوّدنا أن يبدأ العام بكل حماس ثم يتلاشى الحماس تدريجياً. هذه المرّة، يمكنك بناء أهداف قائمة على الواقعية، التدرّج، والمتعة. لا تحتاج لأن تصبح شخصاً آخر تماماً، بل لتفتح صفحة جديدة بإضافات بسيطة تضيف إلى حياتك رونقاً وصحة.
وداعاً للأهداف غير قابلة للتحقيق التي تفرضها مشاعر الذنب بعد العطلات. هذا العام، اختر أهدافاً واضحة، ممكنة، وذات مغزى. اضحك ان تعثّرت، فهذه مجرد كبوة تذكّرك بأنّك إنسان. استمر في المضي قدماً وستكتشف أنّك أصبحت أفضل نسخة من نفسك.
عام سعيد مليء بالتقدم الحقيقي، المتعة، والإنجازات التي يمكنك الافتخار بها!